عدد المساهمات : 303 تاريخ التسجيل : 27/01/2012 الموقع : https://samagroup.ahlamontada.net
موضوع: حكم حديث فضل من يعزي أخاه بمصيبة الأربعاء فبراير 01, 2012 2:10 pm
السؤال: هل هذا الحديث صحيح أم حسن : ( ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة ) رواه ابن ماجة ؟
الجواب : الحمد لله هذا الحديث يروى معناه مرفوعا عن اثنين من الصحابة الكرام : الحديث الأول : عن الصحابي الجليل عمرو بن حزم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه ابن ماجة في " السنن " (1601)، وعبد بن حميد في " المسند " (رقم/287) والدولابي في "الكنى والأسماء" (رقم/956) والطبراني في " الدعاء " (ص/369) من طريق : خالد بن مخلد البجلي ، حدثني قيس أبو عمارة مولى الأنصار ، قال : سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث ، عن أبيه ، عن جده . وفي هذا الإسناد علتان : 1- الإرسال : لأننا إن قلنا إن المقصود بقوله : " عن جده " هو الصحابي عمرو بن حزم ؛ فإن أبا بكر بن محمد لم يسمع منه . وإن قلنا : إن المقصود بقوله : " عن جده " هو محمد بن عمرو بن حزم ، فهذا ليس له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ولد سنة عشر من الهجرة النبوية الشريفة . كما في " تهذيب التهذيب " (9/370) ، لذلك قال فيه الحافظ ابن حجر رحمه الله : " له رؤية ، وليس له سماع إلا من الصحابة " انتهى. " تقريب التهذيب " (ص/499) قال ابن عساكر رحمه الله : " محمد لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمرو بن حزم لا يعرف لأبي بكر سماع منه " انتهى. " تاريخ دمشق " (5/55) 2- قيس أبو عمارة الفارسي ، مولى الأنصار : ضعفه الأئمة النقاد ، فقال البخاري : " يعد في أهل المدينة ، فيه نظر " انتهى. وهي كلمة تضعيف منه رحمه الله . وذكره العقيلي في " الضعفاء " وأورد له حديثين ، وقال : لا يتابع عليهما . انظر: "تهذيب التهذيب " (8/406) لذلك ضعفه ابن الملقن في " تذكرة المحتاج " (1/615) وقال ابن عبد الهادي رحمه الله : " انفرد به ابن ماجه ، وفيه إرسال ، ومحمد بن عمرو بن حزم ولد في حياة الرسول سنة عشرة من الهجرة ، وقيس أبو عمارة ذكره ابن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه جرحا " انتهى. " تنقيح تحقيق أحاديث التعليق " ابن عبد الهادي (2/165) الحديث الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ عَزَّى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي مُصِيبَةٍ كَسَاهُ اللهُ حُلَّةً خَضْرَاءَ يُحْبَرُ بِهَا . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! مَا يُحْبَرُ بِهَا ؟ قَالَ : يُغْبَطُ بِهَا ) رواه الطبراني في " الدعاء " (ص/369)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (11/464) من طريق عبد الله بن هارون ، نا قدامة بن محمد الخشرمي ، حدثني أبي ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك به . وهذا إسناد منكر شديد الضعف ، فيه علل : 1- عبد الله بن هارون : ساق له ابن عدي في الكامل مجموعة من الأحاديث – منها هذا الحديث – ثم عقبها بقوله : " لم أر لعبد الله بن هارون الفروي أنكر من هذه الأحاديث التي ذكرتها " انتهى. " الكامل " (4/261) 2- قدامة بن محمد الخشرمي : قال ابن حبان في ترجمته : " يروي عن أبيه ومخرمة بن بكير عن بكير بن عبد الله بن الأشج المقلوبات التي لا يشارك فيها ، روى عنه عبد الله بن هارون الفروي وأهل المدينة ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد " انتهى. " المجروحين " (2/219) فانظر كيف نص ابن حبان على روايته المقلوبات والمنكرات التي لا يشارك فيها . لذلك قال ابن عدي رحمه الله : " هذا الحديث بهذا الإسناد ليس له أصل " انتهى. " الكامل " (4/260)
والحاصل أن الراجح في شأن الحديث أنه ضيعف بطريقيه ، ولا يتقوى أحدهما بالآخر؛ لأن الطريق الثاني يغلب عليها وقوع الخطأ ، والخطأ لا يقوي الضعيف أبدا كما قال الإمام أحمد رحمه الله : " والمنكر أبدا منكر ". والقول بضعف الحديث ـ من حيث السند ـ أولى من القول بتحسينه ، كما ذهب إليه بعض أهل العلم من المعاصرين ، أو غيرهم .
جاء في " حاشية السندي على ابن ماجه " (3/374) : " ( يعزي أخاه ) أي : يأمره بالصبر عليها ، بنحو : أعظم الله أجرك . ( من حلل الكرامة ) أي : من الحال الدالة على الكرامة عنده ، أو من حلل أهل الكرامة ، وهي حلل نسجت من الكرامة ، وهذا مبني على تجسيم المعاني ، وهو أمر لا يعلمه إلا الله تعالى " انتهى. وقال المناوي رحمه الله : " فيه أن التعزية سنة مؤكدة ، وأنها لا تختص بالموت ، فإنه أطلق المصيبة ، وهي لا تختص به إلا أن يقال إنها إذا أطلقت إنما تنصرف إليه لكونه أعظم المصائب ، والتعزية في الموت مندوبة قبل الدفن وبعده " انتهى باختصار . " فيض القدير " (5/632)
وبعد ذلك كله نقول : إن مشروعية التعزية من الأمور المتفق عليها بين أهل العلم ، لما فيها من مواساة لأهل المصاب ، وإعانة لهم على تحمل مصابهم ، فقد عزى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، وعزى الصحابة بعضهم بعضا ، والله عز وجل يكتب الأجر للمسلم بواسع كرمه وفضله . والله أعلم .